حديقة الأرصفة – التجاوب مع ظاهرة تسكّع الأطفال

إنشاء مساحة لعب محمية تجاوباً مع ظاهرة تسكع الأطفال المنتمين إلى فئة السكان الذين ليس لديهم أي وضع قانوني مدني رسمي في جنوب تل أبيب.

في أحياء جنوب تل أبيب، توجد ظاهرة خطيرة تتمثل في تسكع الأطفال في ساعات الليل المتأخرة، ومعظمهم من بين السكان الذين لا يتمتعون بالوضع القانوني في إسرائيل. هذا التسكع مصحوب أحيانًا بأحداث عنف ويشكل خطرًا على الأمن الجسدي والعاطفي للأطفال. وفقًا للبيانات البلدية، في عام ٢٠٢٢، بلغ عدد طالبي اللجوء في جنوب المدينة حوالي ٣٠،٠٠٠ شخص، منهم حوالي ٢،٥٠٠ تتراوح أعمارهم بين ٦-١٢ عامًا وحوالي ٣،٥٠٠ دون سن ٦ سنوات.

أحد المواقع الرئيسية الذي شهد تلك الأحداث غير المرغوب فيها هو "حديقة الأرصفة" - حديقة عامة كبيرة تقع بالقرب من المحطة المركزية القديمة. تسود المجمع أجواء غير آمنة وظواهر مثل تجارة المخدرات والدعارة والجريمة، التي تفاقمت أكثر خلال أزمة كورونا.

من أجل معالجة ظاهرة تسكع الأطفال، تم إجراء عملية مسح أظهرت عددًا من السمات: تبرز ظاهرة التسكع بشكل خاص في ليالي عطلة الصيف، وفي غياب مساحة مناسبة للتسكّع، وبسبب التهديد الحالي في الحديقة، يميل أطفال الحي إلى البحث عن بدائل في مساحات أخرى مثل مواقف السيارات، والطرق، والمجمعات الأخرى. غالبًا ما تعاني العائلات من بين طالبي اللجوء في الحي من صعوبات اقتصادية، وقد لوحظ أن الأطفال يتسكعون في المساحات المختلفة حتى ساعات المساء المتأخرة، علماً بأن هؤلاء الأطفال يبدون الدعم والمسؤولية تجاه الأطفال الصغار جدًا، لكن دون أن تتوفر لديهم أدوات ومهارات مناسبة. بعضهم أفاد بأن أولياء أمورهم يعملون في هذه الساعات وما يقارب نصفهم أشاروا عند مقابلتهم إلى أن أولياء الأمور يجهلون مكان تواجدهم في ذلك الوقت. تشمل الحياة اليومية للأطفال بعض التجارب بما فيها التعرض لأحداث عنف دون حماية أو توجيه مناسب. تؤثر البيئة الخارجية المضطربة على تصورات الأطفال بشأن السلوك الطبيعي الصحيح والمرغوب فيه، وتضع أمامهم تحديات غير سهلة.

في حديقة الأرصفة، تتميز مجموعة الأطفال بتنوع أعمارهم، وعلى الرغم من أن وسط الحديقة مضاء، إلا أنهم يميلون إلى التجمع في المناطق المظلمة المحيطة بها. يقضون وقتهم في تناول الوجبات الخفيفة، والمزاح المتبادل، والتعامل مع البالغين في المنطقة. معظمهم جاءوا بمفردهم، وبعضهم برفقة إخوة أصغر سنًا.

وضع حل تربوي-اجتماعي في مساحة الحديقة
في إطار الجهود لتقديم حلول لهذه الظاهرة، تم إنشاء مشروع حديقة الأرصفة في حي نافيه شأنان في عام ٢٠٢١ بالتعاون مع مديرية المجتمع والثقافة والرياضة، دائرة "مسيلاه" (مساعدة لطالبي اللجوء والعمال المهاجرين) وأوربان٩٥، بهدف تعزيز بيئة حياة أكثر أمانًا وخلق مكان مناسب لقضاء الوقت في الفضاء العام للأطفال وأولياء أمورهم من سكان الحي.

عمل المشروع في مختلف القنوات لتطوير وتحسين منطقة الحديقة، وفي الوقت نفسه نشأت فكرة تشغيل "شارع اللعب" في المنطقة بهدف تجهيز مساحات إضافية في الحي لضمان إقامة مريحة وآمنة للأطفال وعائلاتهم. في نافيه شأنان، وبالنظر إلى نجاح التجربة الأولية، تمّ تبنّي النشاط بشكل دائم وأصبح حدثًا متكررًا، مرة واحدة في الشهر، بتمويل من مديرية المجتمع والثقافة والرياضة. المشروع عزز العلاقة مع المركّزين المجتمعيين - الذين بدأوا يعرفون الأطفال بأسمائهم، وأهاليهم وقصصهم الشخصية.

إلى جانب ذلك، كان الحل الذي قدمتها الفعالية مقصوراً بشكل رئيسي على ساعات بعد الظهر، وظل موضوع التسكع ليلًا دون حل. بحثنا عن حلول نوعية وآمنة تشجّع الأطفال على المشاركة، وتثير اهتمامهم وتطورهم، وتكون دائمة ليعلموا أن لديهم مكانًا آمنًا يستطيعون الوصول إليه واللعب فيه. خصصت مديرية المجتمع والثقافة والرياضة للفعاليات مبنى صغيرًا مكونًا من غرفتين، فناء وحديقة، بالقرب من حديقة الأرصفة. شكلنا فريقًا من الموظفين والمتطوعين الذين يمكنهم تشغيل المكان واستقبال الأطفال.

في البداية، حاولنا جلب فعاليات سلتا إلى هذا المكان، لكننا واجهنا عدة تحديات - أولاً، معظم الأطفال جاءوا بدون والديهم، فيما العديد من الورشات تعتمد على تعزيز العلاقة بين الوالد والطفل. بالإضافة إلى ذلك، كان على مشغلي الورشات أن يظهروا مرونة وإبداعًا كبيرين في تقديم الفعالية، والتغلب على الفجوات الثقافية واللغوية.

في محاولة أخرى لتقديم حل، قمنا بتجميع "حزمة تجهيز" لمساحة اللعب - مجموعة أولية من الألعاب المناسبة للأعمار من سنتين إلى ٩ سنوات، والتي يمكنهم اللعب بها إما بمفردهم أو في مجموعات أو مع البالغين. خلال التجربة، لاحظنا ماذا نجح مع الأطفال، وما هي الألعاب التي تجذبهم وتثير اهتمامهم.

أخيرًا، تم وضع حل استناداً إلى ممارسة فعاليات حرة في مساحة المبنى المحمي القريب من الحديقة، حيث يُدعى الأطفال للحضور والبقاء واللعب. يقوم الفريق بتشغيل المساحة حتى ساعات الليل، وتكييف الحلول مع مختلف أعمار واحتياجات الأطفال والرضع.

خصائص الفعاليات في المساحة:

  • عدم تتابع وصول الأطفال والرضع - لا توجد معرفة مسبقة حول هوية الحاضرين وما إذا كانوا سيحضرون أصلاً وتوقيت حضورهم. (الحضور في المكان يمكن أن يتراوح بين ٥ إلى ٦٠ طفلًا في اليوم).
  • غياب الحضور الوالدي - غالبًا ما يكون الوالدان مشغولين بالعمل، ولا يوجد قناة تواصل معهم.
  • تشغيل المساحة يتم بواسطة مرّكزين مجتمعيين ومتطوعين، خاصةً في ساعات بعد الظهر والمساء.

 

هيئات شريكة في البلديّة: مديريّة المجتمع والثقافة والرياضة؛ دائرة "مسيلا"

 

تأثير

  • تقليص ظاهرة التسكع مع تقديم حل نوعي وآمن للأطفال في ساعات المساء وعند غياب الأهل.
  • تقديم حل مناسب للعمر في إطار الفعاليات، مما يسمح بالاستمتاع والتطور لكل من الأطفال الأكبر سنًا والرضع الذين يأتون مع إخوتهم الأكبر سنًا.
  • توسع المشروع إلى مساحات أخرى في المنطقة، على سبيل المثال تخصيص غرفة في مدرسة في المنطقة، منها يتم تقديم حل للمجتمع.
DSC05097
DSC05100

الأشياء التي تعلمناها على طول الطريق

  • الفوارق الثقافية تؤثر على تصور ظاهرة التسكع – ينظر بعض السكان من طالبي اللجوء إلى التسكع بشكل مختلف، بصفته ظاهرة مقبولة، لأنهم يأتون من مجتمعات صغيرة وعائلية حيث يوجد تكافل وحماية مشتركة لأمان الأطفال في الفضاء العام. يستغرق الأمر وقتًا لإنشاء التواصل مع الأهل وإطلاعهم على أن الوقت والمكان ليسا مناسبين للأطفال للتسكع فيهما.
  • يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار الفروق الدقيقة العديدة في المجتمعات الفرعية، واللغات، والثقافات التي تنعكس لدى السكان بكافة تنوّعهم. من الصعب الاطّلاع على الفروق بين جميع الثقافات وعادات العمل والتواصل في إسرائيل، لكن يجب التعامل معها وتكييف أنفسنا والنشاطات معها.
  • توظيف مستخدمين مدفوعي الأجر من المجتمع المحلي أتاح التكيف اللغوي والثقافي المطلوب، وجذب المزيد من الأطفال إلى الفعاليات في الفضاء التعليمي.
  • مجمّع فعاليات معياريّ ومتنقّل، يتضمن عناصر متنوعة من اللعب، ويرافقه فريق مهني للإشراف والتوسط في القضايا الاجتماعية، الأمر الذي قد يوفر حلاً للقضايا الرئيسية للتسكع وغياب وجود البالغين. إن حقيقة كون هذه الآلية متنقلة تسمح بانتشار واسع لها عبر مناطق التجمع المختلفة، دون اقتصارها على مساحة معينة.
  • اعتماد أسلوب العمل القائم على التجربة والخطأ وكذلك الالتزام بالمرونة والإبداع إزاء الموارد المحدودة، أتاح لنا خوض التجربة بحرية في إيجاد حلول دقيقة للأطفال والرضع.